إسأل مترجم الآن
احمد منير
مترجم
الأسئلة المجابة 10869 | نسبة الرضا 98.8%
إجابة الخبير: احمد منير
احمد منير
مترجم
الأسئلة المجابة 10869 | نسبة الرضا 98.8%
في ليلة رأس السنة تساقط الثلج بغزارة وخلت الشوارع من الناس ،إنه العيد ،جميع المنازل مضاءة ،جميع العائلات سعيدة ، جميع الطاولات مليئة بما لذ وطاب من الطعام ، جميع الأطفال يلعبون ويمرحون ويستمتعون بهدايا العيد ثم يتحلقون حول المواقد الدافئة لسماع قصص وحكايات الجدات الجميلة . . وحدها تلك الطفلة المسكينة ، بائعة أعواد الكبريت ، ' كانت تذرع الشوارع الخالية من البشر ، عارية الرأس ، حافية القدمين ، ترتدي أسماء بالية ، أنهكها البرد وأضناها الجوع ، تحمل في يدها رزمة من أعاود الكبريت ، تنادي بصوت أنهكه المشي والنداء المتواصل منذ الصباح . . صوت أقرب إلى الهمس لا يسمعه سواها : من يشتري مني أعواد الثقاب . . أرجوكم . . من يشتري مني أعواد الثقاب ؟!
آه كم كانت بائسة تلك الطفلة ، لم تستطع العودة إلى المنزل بالرغم من حلول الظلام وبرودة الجو ، فهي لم تبع ولا حتى عود كبريت واحد طوال النهار ، نادت كثيرا لكن أحدا لم يشتري منها ، وكانت تخشى العودة إلى المنزل من دون نقود لأن والدها السكير سيغضب ويضربها بقسوة . ثم ما فائدة العودة إلى المنزل ، فهو منزل بالاسم فقط ، شبابيكه محطمة وجدرانه تملئها الثقوب . . أنه أشد برودة من الشارع ! . أخيرا أنهكها البرد والتعب ، لم تعد تستطيع أن تمشي أكثر ، تيبست أطرافها من البرد ، جلست على الأرض ، وضعت قدميها الصغيرتين تحت جسدها النحيل طلبا البعض الدفء ، تكورت حول نفسها . . لا فائدة . . كان البرد يتسلل إلى جسدها من كل مكان . . فكرت مع نفسها قليلا ثم قررت بعد تردد كبير أن تشعل عود ثقاب واحد . . واحد فقط . . فقط لتدفئ أصابعها الصغيرة قليلاً.
أشعلت الصغيرة عود الثقاب . . آه كم كان نوره رائع . . شعرت بالقليل من الدفء . . تخيلت بأنها جالسة أمام موقد نار ملتهب فأخرجت قدميها من تحت جسدها ومدتها لكي تتدفأ هي أيضا . . لكن سرعان ما تلاشى ذلك الموقد واختفى عندما انطفأ عود الثقاب . . أشعلت عودا آخر . . هذه المرة تخيلت أنها أمام طاولة طعام كبيرة يتربع فوقها ديك رومي مشوي كبير والى جانبه أطباق تزخر بأصناف الفواكه والحلويات . . ومرة أخرى تبدد كل ذلك سريعا ما أن انطفأ عود الثقاب . . فأشعلت عودا جديدا . . هذه المرة تخيلت بأنها جالسة تحت شجرة عيد الميلاد . . كم كانت شجرة جميلة ورائعة . . لم تر مثلها قط . . تتدلى منها أنواع الزينة الجميلة من كرات لامعة وتماثيل صغيرة . . لكن الشجرة تبددت هي الأخرى حين مدت الطفلة يدها التمسك بأحد أغصانها . . لقد انطفأ عود الكبريت . . فشعرت الطفلة بالبرد من جديد ، رفعت رأسها إلى السماء ، شاهدت مذنبا صغيرا يهوي نحو الأرض . . تمتمت مع نفسها . . " أحدهم سيموت هذه الليلة " . . فجدتها الراحلة أخبرتها مرة بأن سقوط مذنب معناه بأن أحدا سيموت تلك الليلة . . آه كم كانت تحب جدتها . . فقد كانت الوحيدة التي تشفق عليها وتعاملها بلطف . . . ومرة أخرى أشعلت الطفلة المسكينة عود ثقاب آخر ، ' هذه المرة شاهدت جدتها تقف أمامها ، بدت محاطة بنور ساطع و وجهها يفيض محبة ونقاء . . " جدتي " . . همست الطفلة والدموع تنهمر من مقلتيها الجميلتين . . " أرجوك خذيني معكِ" قالت الطفلة بتوسل ثم أردفت بحزن . . " أنا أعلم بأنكِ سترحلين حين ينطفئ عود الثقاب ، كما رحل الموقد الدافئ وطاولة الطعام وشجرة عيد الميلاد . . لذلك أرجو أن تأخذيني معلِ " . ثم راحت الطفلة تشعل عودا بعد الآخر لتبقي جدتها معها . . حتى تبددت جميع الأعواد . . بقى عود واحد فقط . . أشعلته ورفعته عاليا فوق رأسها ، هذه المرة شاهدت جدتها كما لم تشاهدها من قبل . . بدت حقيقية جدا وكانت في غاية النورانية والجمال . . وهذه المرة مدت الجدة يدها نحو الطفلة الصغيرة ، احتضنتها وقبلتها ثم أخذتها معها نحو السماء . . هناك حيث لا برد ولا جوع ولا تعب . .
في صباح اليوم التالي تجمع الناس في الشارع ، ' كانت هناك طفلة صغيرة تفترش الأرض العارية الباردة وظهرها يستند إلى الحائط . . كانت جثة هامدة . . تجمدت المسكينة حتى الموت خلال الليل . . بدا وجهها شاحبا جدا لكن ثمة ابتسامة باهتة ارتسمت على شفتيها . . وبين أصابعها الصغيرة كانت هناك بقايا عود ثقاب محترق . . !
إسأل مترجم
احمد منير
مترجم
الأسئلة المجابة 10869 | نسبة الرضا 98.8%
- 100% ضمان الرضا
- انضم الى 8 مليون من العملاء الراضين